وفي هذا الفجر يا صديقي
هرب مني النوم كـ لص متمرس
وتركَ النافذة مشرعة على خيالات أفكاري ،
أظن أنه بأمكانكَ أن تتذكر موقفاً ما دون عناء
دون الحاجة الى استحضار كل ما في جعبتكَ ،
كما بأمكانك أن تعيش الخيال وكأنه حقيقة
تلمسها بين كل ما يدور حولك؛
في خضم هذه المعمعة والفوضى العارمة
التي نعيشها ، يجبرنا العقل الى أخذ استراحة
يمسك بطرف أفكارنا ويمشي بنا
نحو ذاك المكان اللامحدود الذي رسمناه
في خيالنا ، فقط كي يبقى محافظاً علينا
فـ ما يجري يا صديقي موجع ، محزن جداً
أزيز الرصاص يكاد يخترق مسامعنا
وأنات الجرحى تُدميّ قلوبنا ،
والقتل ، والدمار ،والتشرد
كل ما يجري لا يشبه حياةً تمنياها
ولا يواكب أحلاماً عشنا كي نحققها ،
كل هذا مجرد شيءٍ لا أسم له
لا ينتمي الى شيء ، لا يشبه شيء
مجرد صورة مشوهة خادعة
أعتقد أنه في بعض الأحيان
يجب علينا أن نسيء الظن
لنتأكد من الرؤية بوضوح ،
فقد أصبحت الصور والوجوه
مجرد أشكال هندسية براقة
تخفي تحت قناعها زيفها ،وقبحها ؛
يا صديقي لقد أصبحنا في زمان رديء
موحش ، غريب ، وأيضاً مخيف
العالم أصبح يدمر بعضه بعضاً ،
ولا شيء يسيطر عليه سوى الخراب
يا الهي كم هو بائس عالمنا ،
ومريب والتعايش به أصبح يخيف !
ولكـــن !!
الرحمة التي أوجدها الله داخلنا
أين أصبحتْ ؟
والى أين رحلتْ ، وتركتنا نقاسي الأمرين
تباً يا صديقي نويتُ الكتابة عن شيء من الخيال
يريحني من عناء التفكير ،
لم أجد شيءً سوى الواقع المقيت الذي نعيشه
خانني خيالي ،وخانني طيفكَ
وخانني قلبي ، وخانني قلمي
عشتُ لحظات في دوامة الخيانة
التي رمتني الى ذاك الواقع الموحش ،
وأطلقت أفكاري ،
وكلماتٍ مجعدة رمتها هنا
على صفحاتي دون مبالاة لوجعي !!
فـ لتقسم لي يا صديقي أنك لن تدعني
أعاني مرة أخرى من الخيانة ،
وأن لا تدعني وحدي أختنق بالجمل الطويلة
فقد سئمت الواقع البائس ،
أريد فقط الهرب الى عالم الخيال
وطيفه البعيد القريب مني
سئمت من تلك الصرخة المتكدسة في فمي
ومن كل شيء لا يشبه الحياة في هذا العالم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق